كيف يؤثر الإنترنت على حياتنا: من كتاب التأثير السيبراني لمؤلفته الدكتورة ماري آيكن
لماذا يتجه معظم الناس لشراء بطاقات اليانصيب رغم علمهم بأن فرص الفوز ضئيلة جدًا؟.. يكمن السر في “متعة الخسارة”.. فعندما تشتري بطاقة تكون أرقامها جميعا – عدا الرقم الأخير- متطابقة مع الرقم الفائز فإن قلبك سيتوقف لدقيقة بينما يعلن المذيع الرقم الأخير الذي سيختلف في معظم الأحيان مع الرقم الخاص ببطاقتك.. هذه الحالة تعتبر مكافأة صغيرة للإنسان أو ما يعرف بمتعة الخسارة.. وكذلك الإنترنت فبين كل دقيقة أو دقيقتين ستأتيك مكافأة تنبيه من تطبيقات السوشيال ميديا أو خبر عاجل من أحد مواقع الأخبار.. أنت تعلم أن بعض التنبيهات عديمة الفائدة ولكنك تلجأ لرؤيتها للحصول على متعة الخسارة.. أما الأمر الآخر الذي يجذبنا للإنترنت فهو إصطياد الفريسة والإعتماد على النفس.. الكثير من الثديات يحب أن يصطاد فريسته بنفسه بدون مساعدة أحد.. وكذلك الإنسان فعندما يبحث للحصول على معلومة ما من الإنترنت فهو يصطاد فريسته بنفسه!.. أما تأثير الإنترنت على بني البشر فهو يتجلى في تجربة القرود والمرايا.. فعند وضع قرد أمام المرآة فإنه سيحاول جاهداً أن يهدد القرد الآخر الذي يظهر أمامه في المرآة.. ولكن مع الأيام سيتعلم القرد بأن القرد الآخر ليس إلا إنعاكساً لذاته وسيبدأ باستكشاف نفسه وتقييم ذاته.. وكذا الإنترنت.. فقد أصبح مرآة لتقييم الإنسان لذاته.. فالتعليقات السلبية والإيجابية تبني مفهوم إستكشاف الذات وتقييمها لدى الإنسان.. فينتج عنها شخصيات غير حقيقية في عالم الإنترنت مليئة بالمثالية ولا تعكس الشخصية الحقيقية للإنسان.. فيركز على شخصيته المزيفة التي خلقها في العالم السيبراني أو الإنترنت ويفقد تركيزه على ذاته الحقيقية مما يسبب ضعفاً في الهوية الحقيقية.. ولا يتوقف عمل المرايا الإلكترونية عند هذا الحد فحسب.. فهي تصنع أشخاصاً سلبيين يفتقدون إلى التعاطف.. فعند البحث في اليوتيوب على مقاطع الإنتحار نجد الكثير منها.. فهذا يجسد إفتقاد الناس للتعاطف مع بعضهم من خلال الحصول على مقاطع لأشخاص آخرين ينهون حياتهم من أجل الحصول على الإعجاب من الجمهور المحيط بهم وهذا ما يدعى بالنرجسية.. فهذا يجسد التركيز على الشخصية المزيفة وبنائها ليعجب الجمهور المزيف بها بغض النظر عن النتائج!